دور المبادرات الرئاسية في المجتمعات الحضرية

في ضوء التحولات المتسارعة في المشهد العالمي من حيث التقدم العلمي والتكنولوجي، أصبح الاهتمام بالتنمية الشاملة والمستدامة ضرورة ملحّة. فقد ساهمت هذه الطفرة في تغيير ملامح المجتمعات بشكل جذري، متأثرة بتطور وسائل الاتصال والمعلومات والعولمة، وهو ما يستدعي من الدول الاستجابة لهذه التغيرات بطرق تضمن السيطرة على إيقاع التغيير بما يخدم مصالح المجتمع. إلا أن هذه الاستجابة تحتاج إلى توازن فعّال بين أدوار الدولة والمجتمع المدني لضمان نجاح مساعي التنمية، حيث أن المشاركة والإرادة الشعبية هما محور التنمية الناجحة.
وفي هذا السياق، أطلقت الدولة المصرية سلسلة من المبادرات الرئاسية بهدف تحقيق التنمية المستدامة وتحسين جودة الحياة للمواطنين، وخاصة في قطاع الرعاية الصحية. تأتي هذه المبادرات، وعلى رأسها مبادرة "100 مليون صحة"، لتقديم خدمات وقائية وعلاجية متنوعة، مستهدفةً شريحة واسعة من المجتمع، ومعتمدة على وسائل تواصل جماهيرية وإعلامية متنوعة لزيادة الوعي الصحي وتغيير السلوكيات الصحية. وقد انعكست هذه المبادرات بشكل إيجابي على صحة المجتمع المصري، وخاصة في المناطق الحضرية التي تشهد كثافة سكانية عالية.
ومع ذلك، تظل مسألة التقييم المستمر لهذه المبادرات محل اهتمام. من الضروري دراسة هذه المبادرات ليس فقط من حيث آليات التنفيذ ومدى انتشارها وتأثيرها على الفئات المستهدفة، بل أيضاً من حيث تحقيقها للأهداف التنموية المعلنة وأثرها على الصحة العامة. فالتحدي يكمن في معرفة مدى فعالية هذه المبادرات في تحقيق التحسن المطلوب في خدمات الرعاية الصحية بالمجتمعات الحضرية، ومدى تلبية احتياجات الفئات المستفيدة منها.